القولون العصبي وعلاقته بالتوتر
هل شعرت يوماً باضطراب في معدتك أو انزعاج مفاجئ في بطنك قبل امتحان مهم؟
العديد من الطلاب يختبرون هذا الشعور دون أن يدركوا أن القولون العصبي والقلق الامتحاني يمكن أن يتبادلا التأثير بشكل معقد؛ فالقلق قد يثير نوبة القولون، وأعراض القولون قد تزيد التوتر، لتبدأ حلقة مزعجة من المعاناة الجسدية والنفسية في آنٍ واحد.
فما نمرّ به من ضغط أو قلق لا يبقى حبيس عقولنا، بل يجد طريقه إلى بطوننا أيضاً ، حيث أنه قد تبدو هذه الأمور عادية , لكن العقل و جهازنا الهضمي مرتبطان ارتباطاً وثيقاً . فالمشاعر التي نعيشها في عقلنا تنعكس أحياناً على معدتنا , فنشعر بألم أو انزعاج في البطن عندما يزداد ضغطنا النفسي . في هذه المقالة سوف نتعرف على آلية تواصل العقل مع الجهاز الهضمي :
١. ما هو القولون العصبي؟
٢. القولون العصبي وعلاقته بالتوتر النفسي
٣. أسباب القولون العصبي
٤.دور جراثيم الأمعاء النافعة في القولون العصبي
٥.استراتيجيات العلاج الحديثة للقولون العصبي المرتبط بالتوتر .
٦. الدراسات الحديثه حول القولون العصبي والتوتر
٧. الخاتمة
٨. المصادر والمراجع
– ما هو القولون العصبي ؟؟
القولون العصبي هو اضطراب وظيفي شائع في الجهاز الهضمي يؤثر على الأمعاء الغليظة ظو و يتسبب في مجموعة من الأعراض المزعجة مثل : ١. آلام البطن المتكررة ٢.الانتفاخ ٣.تغيّرات في نمط الإخراج ( إسهال , إمساك أو تناوب بينهما ).على الرغم أن القولون العصبي لا يعتبر مرضاً خطيراً , إلا أنهقد يؤثر بشكل كبير على جودة الحياة اليومية للمرضى .
-العلاقة بين القولون العصبي و التوتر النفسي
الجهاز الهضمي يتأثر بشكل كبير بالعوامل النفسية من خلال ما يعرف ب “محور الدماغ-الأمعاء” , و هو شبكة من التفاعل بين أعصاب الدماغ وأعصاب الأمعاء .عند التعرض للتوتر :١.يزداد إفراز الكورتيزول وهرمونات التوتر الأخرى مما يحفّز حركة الأمعاء و يزيد من تحسسها ٢.تزداد مستويات بعض المواد الالتهابية مثل السيتوكينات التي تؤثر على بطانة الأمعاء ٣.يحدث اختلال في توازن ميكروبيوم الأمعاء (البكتيريا النافعة ) , مما يؤدي إلى تهيّج الجهاز الهضمي و زيادة الأعراض .
-أسباب القولون العصبي :
ليست مفهومة بشكل كامل , ولكنه يعتبر ناتجاً عن مجموعة من العوامل التي تؤثر على وظيفة الأمعاء . تشمل الأسباب الرئيسية :١.اضطراب في محور الدماغ-الأمعاء :العلاقة بين الدماغ و الجهاز الهضمي تصبح غير منتظمة , مما يؤدي غلى زيادة تحسس الأمعاء و حركة غير طبيعية للعضلات المعوية ٢.التوتر النفسي و القلق : الإجهاد و القلق المزمن يزيدان من إفراز هرمونات التوتر (مثل الكورتيزول) التي تؤثر على الأمعاء و تفاقم الأعراض ٣.اضطراب الجراثيم النافعة بالأمعاء : اختلال توازن البكتيريا النافعة و الضارة في الجهاز الهضمي يسبب التهابات خفيفة وتهيج بطانة الأمعاء ٤.الأطعمة المحفزة : بعض الأطعمة مثل : الأطعمة الدهنية ,التوابل ,المشروبات الغازية , ومنتجات الألبان , قد تحفّز الأعراض لدى بعض المرضى ٥.فرط تحسس الأعصاب المعوية : الأشخاص المصابون بالقولون العصبي يكون لديهم أعصاب أكثر حساسية في الأمعاء , مما يجعلهم يشعرون بالألم و الانتفاخ بشكل أكبر ٦.تاريخ العدوى الهضمية : بعض الأشخاص يصابون بالقولون العصبي نتيجة بعد عدوى بكتيرية أو فيروسية في الأمعاء (Post-infection IBS) ٧.تغيرات في حركة الأمعاء : حركة الأمعاء تكون إما بطيئة جداً (تؤدي إلى إمساك) ,أو سريعة جداً (تؤدي إلى إسهال), مما يسبب أعراض القولون العصبي ٨.العوامل الوراثية : قد يكون هناك استعداد وراثي للإصابة بالقولون العصبي لدى بعض الأشخاص ٩.تغيرات في الهرمونات : التغيرات الهرمونية خاصة لدى النساء خلال الدورة الشهرية , قد تزيد من الأعراض ١٠.الحساسية الأطعمة : بعض الأشخاص لديهم حساسية تجاه الغلوتين أو اللاكتوز أو غيرها من المكونات الغذائية .
الخلاصة : القولون العصبي حالة متعددة الأسباب , تتداخل فيها العوامل النفسية و الجسدية . فِهم هذه العوامل قد يساعد في إدارة الأعراض بشكل أفضل من خلال تغييرات في نمط الحياة و العلاج المناسب
– دور جراثيم الأمعاء النافعة في القولون العصبي
تشير الأبحاث إلى أن التوازن بين البكتيريا النافعة و الضارة في الجهاز الهضمي يلعب دوراً مهماً في تنظيم صحة الأمعاء .التوتر النفسي يؤدي إلى اختلال هذا التوازن , مما يفاقم أعراض القولون العصبي .أظهرت الدراسات أن البروبيوتك يمكن أن يساعد في : ـ تحسين التوازن البكتيري ـ تقليل الانتفاخ و آلام البطن – تحسين حركية الأمعاء .
-استراتيجيات العلاج الحديثة للقولون العصبي المرتبط بالتوتر :
١.التغييرات في نمط الحياة : ١.ممارسة الرياضة بانتظام مثل المشي أو اليوغا ٢.النوم الكافي لتقليل الإجهاد اليومي ٣.تجنب الأطعمة المحفزة للأعراض ( الأطعمة الدهنية , الكافيين , السكريات المصنعة ) ٤.اتباع حمية منخفضة FODMAP لتقليل الانتفاخ و الغازات -حمية ال FODMAP : هي حمية قليلة الكربوهيدرات و السكريات قليلة السلسلة التي يصعب على الأمعاء هضمها ٢. العلاج الدوائي :١.الأدوية المناعية : مثل الأدوية البيولوجية لعلاج الالتهابات الخفيفة ٢.مثبطات تحسس الأمعاء : مثل ليناكلوتيد , و التي تقلل من الألم و تحسن حركة الجهاز الهضمي ٣.مضادات النفخة : مثل السيميتيكون. ٣. العلاج النفسي : ١ .العلاج السلوكي المعرفي CBT : يساهم في تقليل أعراض القولون العصبي من خلال إدارة التوتر ٢.تقنيات الاسترخاء و التأمل (Mindfulness) : أظهرت دراسة من جامعة كاليفورنيا 2022 أن ممارسة التأمل الأسبوعي لمدة 12 أسبوعاً قللت من الأعراض بنسبة 30% ٣. التقنيات الحديثة :١.التنويم المغناطيسي : ساهم في تحسين الألم و الجودة العامة للحياة لدى المرضى ٢. تطبيقات الذكاء الاصطناعي : تُستخدم لتتبع الأعراض و ربطها بالعوامل النفسية و الغذائية , مما يساعد في تحسين إدارة الحالة .
– الدراسات الحديثة حول القولون العصبي والتوتر :
١.دراسة نشرت في “JOURNAL OF GASTROENTEROLOGY” (2023) : وجدت الدراسة أن 80% من مرضى القولون العصبي يعانون من حالات القلق أو الاكتىاب بدرجات متفاوتة , و أن نوبات التوتر تسبق تفاقم الأعراض بنسبة 70%. ٢.دراسة في مجلة GUT (2022): أكدت الدراسة أن التوتر المزمن يؤدي إلى اختلال توازن البكتيريا النافعة في الأمعاء ٣. أبحاث من جامعة هارفارد 2023 : أظهرت التجارب السريرية أن العلاج السلوكي المعرفي (CBT) ساهم في تقليل أعراض القولون العصبي بنسبة 50% لدى المرضى الذين يعانون من القولون العصبي ٤.الجراثيم النافعة : هي كائنات حية دقيقة ,بكتيريا نافعة أو خمائر تقدم فوائد صحية عديدة عند تناولها بكميات مناسبة . يتم تناولها على شكل مكملات غذائية أو من خلال الأطعمة الغنية بها مثل : الزبادي , المخللات , و المنتجات المخمرة .
– الخاتمة
تشير الدراسات الحديثة إلى أن التوتر المزمن هو عامل رئيسي في تفاقم أعراض القولون العصبي , من خلال تأثيره على محور الدماغ-الأمعاء و توازن ميكروبيوم الأمعاء .بالتالي , يمكن تحسين جودة الحياة لدى المرضى المصابين بالقولون العصبي من خلال علاج متكامل يشمل : استراتيجيات إدارة التوتر .العلاج الدوائي المناسب .الاهتمام بالنظام الغذائي .التعاون بين أخصائيي الجهاز الهضمي و خبراء الصحة النفسية , حيث يمثل خطوة مهمة لضمان أفضل النتائج العلاجية
-المصادر والمراجع
١.http://www.mayoclinic.org/ar/diseases-conditions/irritable-bowel-syndrom/diagnosis-tretment/drc-20360064
٢. https://delta-medlab.com/blog/irritable-bowel-syndrom/
٣.https://emedicine.medscape.com/article/180389-overview
٤.https://www.medicalnewstoday.com/articles/helthy-lifestyle-choices-such-as-exercise-and-sleep-can-lower-ibs-risk
٥. https://www.medicalnewstoday.com/articles/320876
٦.https://www.fda.gov
إعداد الصيدلانية تالا المحمد.